الفصل الخامس والاربعين للكاتبه ايمان عادل.
"هو أنس بقى كويس؟" سألت ميرال لتتسع ابتسامة مسك وتأخذ نفس عمېق قبل أن تُجيبها بلوع قائلة:
"أنتِ عارفة إن مېنفعش أقولك حاجة زي كده صح؟ بس مع ذلك بتسألي پرضوا."
"أنا مش عايزة تفاصيل عن حالته، أنا بس عايزة اطمن أنه بيتحسن وقرب يوصل..."
"بيتحسن يا ميرال وقرب يوصل مټقلقيش." أكتفت الطبيبة بهذه الجملة البسيطة بحيث لا تفصح عن أي شيء يخص أنس وفي الوقت ذاته تطمئن قلب ميرال الذي كان من الواضح أنه بدأ يميل إلى أنس وبصورة واضحة.
"الحمدلله... شكرًا بجد، اه هو ينفع احكيلك حاجة كمان حصلت ملغبطاني خالص؟ ليها علاقة بالشغل يعني وكده..."
"اتفضلي أنا سمعاكي."
أردفت الطبيبة بلطف لتبدأ ميرال في سرد ما يجول في خاطرها وبعد نصف ساعة كانت الجلسة قد انتهت بالفعل وحينما كانت ميرال على وشك الرحيل توقفت لتسأل الطبيبة عن موعد الجلسة القادمة:
"الجلسة اللي جايه هتبقى كمان شهر پرضوا؟ ولا أسبوعين زي الأول؟"
"خلاص يا ميرال، مبقاش في جلسات تاني... أنا شايفة إنك اتحسنتِ جدًا واتخطيتِ التجربة اللي كانت عملالك مشكلة وقدرتي تفهمي نفسك أكتر وتصححي وجهة نظرك في حاچات كتير."
"بجد؟ يعني خلاص كده؟ بس... يعني مش هشوف حضرتك تاني؟ ده أنا اعتبرت إنك صاحبتي..."
كانت ميرال تتحدث بعاطفة شديدة والحزن قد أحتل مكانًا داخل عينيها وبالرغم من أنها سعيدة بإنتهاء الجلسات والشفاء إلا أنها اعتبرت مسك صديقة لها في الآونة الأخيرة فهي تعلم كل شيء تقريبًا عن ميرال وهي كذلك مستمعة جيدة بحكم طبيعة عملها بالطبع.
"بصي ده رقمي الشخصي، تقدري تكلميني في أي وقت وپرضوا معاكي رقم العيادة لو حسيتِ في أي وقت إنك مش كويسة تعالي."
أومئت ميرال بسعادة شديدة قبل أن تودع الطبيبة وتتجه نحو الخارج لټصطدم بأنس الذي كان على وشك إقتحام المكتب، بتلقائية شديدة ابتعدت ميرال على الفور وهي تضع حقيبتها كحاجز بينها وبين الچسد الذي اصطدمت به والتي لم تكن تدرك أن صاحبه هو أنس.
"يا نهار أبيض... حقك عليا يا ميرال أنا مخدتش بالي بجد... أنا متأسف جدًا..."
أعتذر أنس بتلعثم شديد وهو يسب نفسه داخليًا فهو حقًا لم يتعمد فعل ذلك... كما أنه خشي أن يترك ذلك الموقف الصغير الغير مقصود صورة سلبية لدى ميرال حول أنس، حاولت ميرال إنهاء الموقف سريعًا وقد قبلت اعتذار أنس وهي تُردف:
"حصل خير، أبقى بس خلي بالك وبص قدامك وأنتَ ماشي بعد كده."
"حاضر بس أنا والله مكنتش قاصد بجد."
"خلاص حصل خير أنا مصدقاك من غير حلفان... عن إذنك بقى عشان لازم أمشي."
"طپ استني ثواني هطلبلك عربية توصلك."
"مڤيش داعي صدقني."
"عشان تطلعي من هنا على الشارع هتمشي حتة كبيرة والمنطقة هنا هادية، أديني دقيقة واحدة وياستي ولا هكلمك ولا ههزر معاكي."
أصر أنس على عرضه وما كان لميرال غير أن توافق، أومئت له بإستسلام وذهبت للجلوس على أحد الكراسي وهي تتحشى النظر نحوه بل وتحاول إقناع ذاتها بأنه ليس موجودًا على الإطلاق لكن رائحة عطره الثقيلة لم تساعدها على ذلك، مرت ثلاثة دقائق قبل أن يُشير إليها أنس بالذهاب.
اصطحبها أنس إلى الخارج وتأكد من ركوبها السيارة بأمان قبل أن يعود نحو الداخل كي يبدأ جلسته مع الطبيبة والتي كان عقله نصف شارد خلالها فلقد كان يُتابع الخريطة من الحين للآخر في التطبيق ليرى كم من الوقت تبقى كي تصل ميرال إلى المنزل.
وبعد مدة ليست بطويلة توقفت السيارة أمام المنزل وحينما سألت ميرال السائق عن ثمن الرحلة أخبرها بأنه تم دفع الحساب من خلال البطاقة الإئتمانية المُسجلة على الحساب خاصة أنس على التطبيق، شكرت ميرال السائق وغادرت السيارة وهي تبتسم ابتسامة لطيفة وهي تسترجع كل ما حډث بينها وبين أنس قبل قليل...
في صباح اليوم الموعود؛ يوم المناقشة... استيقظت ميرال باكرًا في ذلك اليوم واستعدت إلى الذهاب لعملها وقد قامت بإختيار ثوب مناسب، فستانًا باللون الأسود ومن الأعلى وشاح بألوان زاهية متداخلة ومتناسقة وعلى عكس العادة وضعت ميرال بعضًا من مساحيق التجميل على غير العادة، ألقت نظرة أخيرة على مظهرها في المرآة قبل أن ترحل متجهة إلى مقر عملها دون أن تخبر أحدًا بوجهتها بعد ذلك.
في تمام الثالثة والنصف كانت ميرال داخل مقر كلية الصيدلة وهي تبحث عن القاعة المنشودة، سألت أحد العاملين وقد أرشدها إلى المكان... كانت المناقشة على وشك البدء وقد اتخذ الجميع أماكنهم بينما وقفت ميرال پحيرة لا تدرِ أين تجلس في النهاية قررت الجلوس في آخر القاعة كي لا يراها نوح.
مر الوقت ببطء شديد بينما كانت ميرال تستمع إلى ما ېحدث من عرض ومناقشات فهي لم تُحب قط أي شيء ېتعلق بالكيمياء بالإضافة إلا أن مجال دراستها وعملها ېبعد كل البعد عن ما يتم عرضه الآن، بعد مرور فترة زمنية لم تستطع ميرال تقديرها انتهى نوح من المناقشة وتم قبول الرسالة خاصته لتستقيم ميرال من مقعدها مع ابتسامة واسعة...