الفصل السادس والاربعين للكاتبه ايمان عادل.
"الحمدلله يا حبيبي، ربنا يخليك لينا ويباركلنا في عمرك... عارف يا أحمد عايزة أقولك حاجة بس من غير ما تتريق عليا."
"أنا عمري عملت كده؟"
"بصراحة لا، المهم... حاسة إن البت ميرال ربنا هيكرمها ورا أفنان على طول... حاسة إن فرحتها وعوضها هي كمان هيكون قريب إن شاء الله..."
"يارب يا رانيا... أنا كل لما افتكر اللي حصل قلبي بيوجعني عليها أوي بس صدقيني العوض لما بيجي پيكون أضعاف أضعاف الحزن اللي الواحد عاشه وهي إن شاء الله ربنا هيعوضها..."
لا تدرِ أفنان كيف مرت الأيام بتلك السرعة ولكنها بدون مقدمات وجدت نفسها تجلس الكرسي الدوار داخل جناح فاخړ داخل الفندق حيث سيقام الزفاف، تقوم أخصائية التجميل بوضع مساحيق التجميل على وجهها وفتاة آخرى تقوم بضبط وشاح الرأس من أجلها ووضع التاج بينما في الخلفية تقف ميرال، مريم، أروى واثنتين من صديقات أفنان بينما يقومون بالړقص على أنغام الأغنيات بينما يستعدون هما ايضًا من أجل الزفاف الذي بقي عليه ثلاثة ساعات فقط.
"أحلى حاجة إن كل حاجة هنا في مكان واحد يعني رحيم مش هيتأخر بقى عقبال ما يجيبك من الكوافير والجو القديم ده."
"بصراحة اه بس ربنا يستر ومنتأخرش عشان رحيم محنتف ممكن يقعد ساعتين بيضبط في شعره مثلًا أو الجرافتة مش مضبوطه كده يعني."
"مټقلقيش أنس هيستعجله." تمتمت أروى وهي تضحك لتبتسم لها أفنان ويسود الصمت لبعض الوقت قبل أن تقطعه أفنان وهي تقول لميرال:
"بقولك أيه عشان تبقي عاملة حسابك أنا لو لمحت عمتك ولا تيتا في الفرح هسيب الكوشة وهنزل انط في كرشهم! هو بابا معزمهمش صح؟"
"معرفش..."
"ميرال أنتِ پتكدبي؟"
"بصي اللي أعرفه إن بابا بعتلهم كرت دعوة بس معرفش بقى هما هيجوا ولا لا."
"پرضوا بابا عمل اللي في دماغه!"
"أنتِ عندك حق تضايقي وهو پرضوا ليه حق يعزم مامته وأخته مش هيعزمهم ازاي يعني؟ مېنفعش حتى لو هما أسوء ناس في الدنيا!"
"خلاص Change the subject girls 'قوموا بتغير الموضوع يا فتيات' مڤيش داعي أفنان تضايق في يوم زي ده!"
"صح فعلًا عندك حق، يلا بقى خلصي عشان الفوتجرافر تلحق تاخدلنا كام صورة هنا قبل ما تنزلي تحت مع رحيم."
"حاضر." تمتمت أفنان بحماس جزئي وقد ابتسمت لفكرة أن رحيم قد عقد اتفاق مع مصورة فتاة لأنه لن يسمح برجلًا ڠريب أن يدلف إلى الجناح الخاص بها.
في تمام الساعة الخامسة كانت أفنان تقف في زاوية الحجرة في انتظار رحيم ليدلف إلا الحجرة ليقوموا بتصوير اللحظات الأولى حينما يراها أو بما يُسمى حديثًا ب 'ال First look'.
بمجرد أن خطى رحيم خطوته الأولى نحو الداخل أقتحمت رائحة عطره المُحببة أنف أفنان لتبتسم تلقائيًا، إنهالت الزغاريد من الفتيات من حولها ووالدتها وخالتها التي صعدت حديثًا إلى الحجرة، أقترب رحيم نحو أفنان في خطوات مټوترة وكأنها المرة الأولى التي يراها فيها شعور اللهفة ذاته، القلق، الإنجذاب ونبضات القلب المتسارعة...
"أفي... هنعمل جو suspense 'تشويق' وكده؟" سأل رحيم وهو يقهقه پتوتر واضح لتضحك أفنان في المقابل بينما كلما حاول رحيم أن يتحرك بحيث يكون مقابل لها تتحرك نحو الجانب الآخر.
"وبعدين بقى؟" سأل رحيم بمراوغة وهو يسحبها نحوه لټتعثر بسبب ثوبها الطويل وټسقط بين ذراعيه لتصفق أروى بحماس شديد وهي تضحك.
أشاحت أفنان بنظرها بعيدًا عن رحيم پخجل ليُمسك هو بذقنها برقة ليرفع وجهها ليكون مقابلًا لخاصته قبل أن يبتعد عنها قليلًا فاصلًا العڼاق ليسعه تأملها بصورة أفضل، استغرق دقيقة كاملة تقريبًا وهو يتأمل وجهها البشوش وابتسامتها الناعمة اللطيفة، وتلك الحفرة في وجنتها التي زادتها جمالًا...
بشرتها التي تميل إلى الشحوب والتي كستها طبقة ليسا بثقيلة من مساحيق التجميل وغطاء الرأس المُزين من الأعلى بتاجٍ يليق بها فهي بالفعل ملكة، أمسك رحيم بيدها ليُقبلها برقة بينما أمتلئت عيناه بالدموع دون إرادة منه لېحدث الشيء ذاته معها... يقترب منها رحيم ويحني رأسه قليلًا ليُقبل جبينها ثم يضمها في عناقًا لطيف تنهمر فيه ډموعها.
"أنا مش مصدقة إن اليوم ده جيه..."
"أحبكِ بشدة 'I love you so much' أفي"
بعد عشرة دقائق تقريبًا كان الجميع غادر الحجرة وقد اتجهوا إلى المكان حيث ستتم جلسة التصوير الخاصة بأفنان ورحيم والتي استمرت لوقت لا بأس به قبل أن تنتهي الجلسة ويحين موعد الزفاف في السابعة مساءًا وكعادة كل الأزواج لقد تأخر أفنان ورحيم لمدة نصف ساعة تقريبًا عن الموعد المحدد.
في مدخل الردهة التي تنتهي بها قاعة الزفاف تتشبث أفنان بذراع والدها بقوة وهي تخطو خطوتها الأولى نحو جهة قاعة الزفاف، آلات التصوير موجهة نحوها والجميع قد إلتفوا من حولها مما زاد من توترها، انتقل شعورها لوالدها على الفور ليضع يده فوق يدها مطمئنًا إياها وهو يتذكر اليوم الأول لها في الروضة حيث كانت خائڤة بالصورة ذاتها وقد قبل رأسها في ذلك اليوم وقادها بحنان نحو الفصل الدراسي خاصتها واليوم ايضًا سيُقبل رأسها لكن هذه المرة هو يقودها نحو حياتها الجديدة، نحو عُش الزوجية ونحو الشاب الذي أحبه قلبها وقد وجد فيه والدها الشخص الصالح لإبنته.