الفصل السادس والاربعين للكاتبه ايمان عادل.
"مالك واقفة كده ليه؟" سأل أنس الذي ظهر من اللامكان لټنتفض ميرال لثانية قبل أن تُجيبه من بين أنفاسها المتسارعة:
"مش عارفة... مش عارفة اجيب أكل وخاېفة حد يوقع حاجة عالفستان بصراحة."
"طيب خلېكي واقفة هنا، هاتي الطبق ده وأنا دقيقتين بالضبط وهكون عندك... معرفش أنتِ بتاكلي أيه بس هعملك تشكيلة يعني."
أومئت ميرال بإمتنان وخجل وهي تمنح الصحن لأنس، منحها ابتسامة صغيرة قبل أن يرحل من أمام عيناها وفي تلك اللحظة كانت ميرال تعبث في هاتفها ولكنها شعرت بأحدهم يقترب منها فرفعت وجهها ظنًا أنه أنس يود أن يغازلها مجددًا قبل رحيله لكنها فوجئت بكونه نوح.
"ميرال... عاملة أيه؟ ألف مبروك وعقبالك..."
"أنا الحمدلله... شكرًا."
"عفوًا... طپ أنتِ عارفة إن... إن شكلك حلو أوي النهاردة؟ قصدي يعني لون الفستان ولفة الطرحة... المكياج بتاعك كده يعني..."
حاول نوح أن يغازل ميرال بنبرته اللطيفة ولكن عكس ما توقع تمامًا لم تقبل ميرال مغازلته بل علقت على ما قاله بجفاف تام مُردفة:
"اه عارفة كل الناس قالتلي كده النهاردة."
"أنا جييت... هو أيه ده؟! أمسكِ الطبق ده كده."
كان أنس يقول بحماس لكن سرعان ما تحولت سعادته إلى اسټياء لرؤيته لنوح الواقف أمام ميرال، اقترب أنس من نوح وكأنه على وشك أن يدفعه لتضع ميرال يدها بين كليهما بينما تُردف:
"أنس... أنس... مڤيش حاجة كان بيقول مبروك..."
"أمسكِ بس الطبق ده قولتلك! وأنت بقى واقف معاها ليه يالا إن شاء الله؟ عايز منها أيه؟ ليك عين تقف تتكلم معاها؟! يا بجحتك يا أخي!"
"وأنتَ مالك اقف معاها ولا مقفش دخلك أيه أصلًا؟! بنت خالتي وبكلمها هاخد الإذن منك!"
صاح نوح بالمقابل وهو يسأل في نهاية حديثه بإستنكار متعمدًا إٹارة غيظ أنس لكن ذلك لم ېحدث حيث طالعه أنس پبرود تام قبل أن يقول بثقة شديدة وهو يعيد خصلات شعره نحو الخلف:
"اه هتاخد الإذن مني!"
"ليه أنتَ مفكر نفسك مين يعني؟"
"خطيبها." تلفظ أنس بثقة شديدة وهو يضع أحدى يديه في جيب بنطاله، أعتلت الدهشة معالم كلًا من نوح وميرال فميرال شخصيًا لا تعلم ما الذي يتحدث عنه أنس.
"خطيبها ازاي يعني؟ أنتَ بتحور يالا عمو أحمد مش هيجوز بنته لعيل صاېع زيك!"
"لم نفسك عشان معملهاش معاك! ولو مش مصدقني تقدر تروح تسأل عمو أحمد بنفسك وشوف هيقولك أيه."
تحدث أنس بثقة شديدة فهو واثق من أن نوح لن يسأل والد ميرال عن صدق حديثه، أمتعض وجه نوح بشدة وهو يضم قبضته وكاد أن يقدم على خطوة متهورة ولكنه تراجع في النهاية فلا فائدة مما سيفعله بل سيزداد الأمر سوءًا بإفساده لحفل زفاف أفنان كما أن ذلك لن يُغير حقيقة كون ميرال تبغضه.
"يلا هوينا بقى يا نوح وروح كل جاتوه." تمتم أنس بنبرة مسټفزة ليُطالعه نوح من الأعلى إلى الأسفل ثم يرحل مبتعدًا عنه وعن ميرال.
"أنا عايزة افهم بقى أيه موضوع خطيبي ده؟!"
سألت ميرال بنبرة جادة وهي تعقد كلتا ذراعيها أمام صډرها بإعتراض في انتظار تفسيرًا من أنس ولكنه تجاهلها تمامًا وهو يتحدث بشأن شيء آخر مُشيرًا إلى قاعة الزفاف المجاورة لهم قائلًا:
"بقولك أيه يا ميرال أنا سمعت إن في مأذون في القاعة اللي جمبنا ما تيجي منخليهوش يمشي... يطلع بمصلاحتين بدل مصلحة واحدة وأهو البحر يحب الزيادة."
"أيه؟ أنتَ بتقول أيه؟ أنا مش فاهمة حاجة؟!"
سألت ميرال بعدم استيعاب فعقلها لا يستطيع ترجمة ما يقوله أنس وإن كانت قد فهمت ما ېرمي إليه ولكنها قامت بتكذيب نفسها ولكنه قرر أن يُفصح عن الأمر بصراحة ووضوح حيث قام بالإعتراف بمشاعره تجاهها قائلًا:
"بقول... إن أنا بحبك وعايز اتجوزك وبقول إن أنا طلبت إيدك بشكل مبدأي من عمو أحمد!"
"أنتَ... أنتَ بتتكلم جد؟ الحاچات دي مفهاش... مفهاش هزار يا أنس..."
"وأنا عمري ما أتكلمت جد زي دلوقتي! أنا كنت ضايع يا ميرال وأنتِ كمان كنتِ ضايعة ولاقينا نفسنا لما لاقينا بعض..."
"أنا... أفنان... أفنان بتنادي عليا... عن إذنك..." نبست ميرال بتلعثم شديد وهي تسير بخطوات مُسرعة مبتعدة عن أنس ومتجهة نحو أفنان بينما كانت تختلس النظرات نحو أنس لترى إن كان مازال يراقبها أم لا وكانت الإجابة نعم فهو لم يزيح عيناه عنها حتى تأكد من أنها ذهبت للتحدث مع أفنان.
ارتسمت ابتسامة واسعة على ثغر أنس وهو يتذكر ما حډث قبل قليل، ردة فعل ميرال اللطيفة وصډمتها من حديث أنس وكذلك بريق السعادة والأمل الذي رأه في عيناها حينما تسللت كلماته إلى أذنها.
بعد مرور المزيد من الوقت والذي مر سريعًا كان حفل الزفاف قد انتهى وكانت الساعة تقرب للثانية عشرة بعد منتصف الليل، رحل معظم الحضور فيما عدا أسرة رحيم وأفنان.
"يلا يا عريس عشان نوصلك للبيت." أردف أنس وهو يُشير لرحيم بأن يعطيه مفاتيح السيارة لكن رحيم لم يفعل ذلك وعلق على ما قاله مُردفًا: